حين تنطفئ شمعة البافاري.. توماس مولر يودّع بايرن بعد ربع قرن من المجد والوفاء

تقرير: أحمد شريف

بدموعٍ لم تستأذن العيون، وبقلوبٍ يعتصرها الحنين، يُسدل الستار على إحدى أعظم الحكايات في تاريخ بايرن ميونيخ… حكاية بدأت قبل ربع قرن، وتنتهي اليوم برحيل الأسطورة توماس مولر، الذي لم يكن مجرد لاعب، بل كان روحًا تنبض داخل جدران النادي، وقلبًا ينبض بحب القميص الأحمر.

رحيل مولر عن بايرن ميونيخ جاء بعد الخروج من بطولة كأس العالم للأندية، على يد باريس سان جيرمان في ربع النهائي، وكأن كرة القدم اختارت لحظة الفقد بعناية، لتكون النهاية على وقع الخيبة، لا المجد… وكأنها أرادت أن تُضيف جرحًا صغيرًا إلى وداعٍ لا يُحتمل.

 

منذ أن خطى أولى خطواته داخل أسوار النادي، حمل مولر شعار بايرن على كتفيه كمن يحمل وطنًا، فخاض 750 مباراة رسمية، سجل خلالها 247 هدفًا، وصنع 176 أخرى، أرقامٌ لا تروي القصة كاملة، لكنها تشهد على عظمة رجل لم يكن يومًا عابرًا في تاريخ اللعبة.

حصد خلال مسيرته المجيدة 12 لقبًا في الدوري الألماني، ولقبين في دوري أبطال أوروبا، ولقبين في كأس العالم للأندية، و6 ألقاب في كأس ألمانيا، ولقبين في كأس السوبر الأوروبي، و8 ألقاب في كأس السوبر الألماني. لكنها لم تكن مجرد بطولات، بل كانت لحظات من الفخر والدموع، انتزعها بروح المقاتل، وابتسامة الوفيّ.

 

مولر لم يكن نجمًا تقليديًا… بل كان أيقونة ألمانية خالصة، لاعبًا يفكر بذكاء، يتحرك كمن يرقص بين الخطوط، ويسجل كأنما يُدوِّن اسمه في كل مرة على جدران التاريخ. كان عاشقًا للبايرن، وكان البايرن وطنًا له.

 

واليوم، يرحل مولر، وتبقى المساحات خاوية من روحه، وتبقى جماهير الأليانز أرينا تفتقد تلك الإطلالة التي كانت تبعث الطمأنينة في قلب الملعب. يرحل مولر ويترك خلفه فراغًا لا يُملأ، وصدىً لا يخفت، وتاريخًا لا يُنسى.

 

الوداع مؤلم، لكنه لا يُغيّر الحقيقة… توماس مولر سيظل خالدًا في ذاكرة البايرن، وفي قلوب محبيه، وسيظل اسمه يُتلى على ألسنة الأجيال، كلما ذُكر الوفاء، والولاء، والعظمة.

 

وداعًا يا ابن البافاري الأصيل… وداعًا يا من علمتنا أن القلوب لا تُقاس بعدد الأهداف، بل بصدق الانتماء.